اردنيات

عامان على رحيل ابي

لم احفظ تفاصيل شيء في حياتي، كما احفظ تفاصيل اليوم الموافق ٢٥ تموز، فبمثل هذا الوقت، كنت احضن ابي، جثة داخل ثلاجة الموتى، وفي ذات الوقت كنا نسابق الزمن لإتمام مراسم الدفن.

لم يكون عقلي كبيرا بما يكفي، ليستوعب رحيل ابي، هكذا فجأة، بدون اي مقدمات أو توقعات، كنا نكذب الخبر المنقول على لسان شقيقي، أو لا نريد تصديقه، هو خرج برحلة الصيد، وكان يخرج دوما، وكان يعود دائما بصيده للمنزل، لكن في ذلك اليوم كان الأمر مختلفا جدا، فشبكة الصيد بقيت داخل المياه، وعدنا نحن بابي نحمله على الأكتاف.

وبعدها، استمرت الايام، لكنها مختلفة جدا، فالسند رحل، وبشكل عام، نحن من الأشخاص الذين يؤمنون بأن الموت حق، لكن هناك مواقف جعلت من الجرح نزيف هائج لا يتوقف، وعندما احتاج ابي، لا أجده، هو الوحيد الذي كان باستطاعته إيقافه، حتى أنني بدأت اقول: “لماذا رحلت؟ وتركتني أواجه أصعب ظروف حياتي وحيدا”، لا صوت يسمع، اني استنجد بابي، لكن هيهات أن يرد ابي، كل ما كنت احتاجه هو أبي، لا أحد يستطيع أن يفعل شيء، ابي هو الشخص الوحيد الذي كان باستطاعته فعل كل شيء.

فعلا الأب نعمة، وكان ابي يخبرني دائما لا أحد يقدر تلك النعم، الا بعد رحيلها، وأدركت معنى ذلك جيدا بعد رحيله، فاليوم وبعد عامين، ما زالت تلك التفاصيل عالقة في ذهني، وما زلت الأوجاع موجودة، استمرت الحياة ولم تتوقف، لكن لا معنى لتفاصيل الفرح فيها بعد ابي، انطفأت شمعة السعادة، وكل ما تبقى هو سباق مع الزمن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى